المؤتمر العاشر لبيئة المدن " المدن الصديقة للمجتمع"

افتتح امين عام منظمة المدن العربية المهندس احمد حمد الصبيح أعمال المؤتمر العاشر لبيئة المدن الذي انعقد عبر الاتصال المرئي تحت عنوان " المدن الصديقة للمجتمع" بتنظيم مشترك بين مركز البيئة للمدن العربية وشركة ميرسر العالمية في 20/10/2021  وبحضور ومشاركة عدد من المدن العربية والهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية والخبراء في مجال استدامة المدن.
يأتي المؤتمر استكمالاً لأنشطة مؤسسة مركز البيئة للمدن العربية "إحدى مؤسسات منظمة المدن العربية" في إطار تحقيق معدلات أعلى على طريق الاستدامة والنمو.


هدف المؤتمر إلى نشر ثقافة ومفاهيم أنسنة المدينة وجعلها مركز السعادة والرفاهية، والاطلاع على الاستراتيجيات والدراسات الحديثة في مجال الاهتمام بسعادة المجتمعات داخل المدن، والتعرف على  التقنيات والممارسات والمبادرات العالمية الناجحة التي حققت مستويات عالية من التميز  والنجاح. كما اعتبر المؤتمر فرصة للتحاور والنقاش والاستفادة من الرؤى والأفكار المتميزة.


أكد أمين عام منظمة المدن العربية المهندس احمد حمد الصبيح في كلمة افتتاح أعمال المؤتمر على دور المدن والمجتمع في بناء مدن المستقبل "مدن شاملة ومستدامة وامنة ودامجة".


وقال: أن مفهوم أنسنه المدن يتمثل بالمدن الصديقة للمجتمع، والذي بات مطلبا أساسياً في عملية التنمية وتحقيق الاهداف الانمائية...إذ أن أنسنه المدن ترتبط بعدة مجالات حيوية من التخطيط العمراني السليم والهندسة البنائية والمساحات العامة وجودة الخدمات وغيرها من الاليات التي تحقق الراحة للمجتمعات على كافة المستويات سواء من الجانب الحسي والبصري والطبيعي .. ما يعني أن الهدف من بناء المدن لا يقتصر على التخطيط والتصميم العمراني فحسب وانما توفير بيئة صحية ومريحة للإنسان.


كما أشار الصبيح الى الشراكة المجتمعية والتي تعد اللبنة الأولى في أنسنه المدن من خلال اشراك المجتمع بكافة اطيافه في التنمية المحلية، بان يحظى الفرد بالمشاركة بالأفكار في التخطيط الهندسي والبنائي والعمراني والبيئي والخدماتي وكل ما يتعلق بنمط حياته ومعيشته ليشكل عاملا رئيسيا في اعداد الخطط والاستراتيجيات والبرامج التي تقوم عليها المدينة.


وأضاف: لقد أدركت مدننا العربية أهمية تفعيل مفهوم أنسنه المدن باعتباره جزء من اهداف التنمية المستدامة التي نعمل جميعا على تحقيقها وذلك من خلال وضع أهداف استراتيجية ورسم خطط شاملة ومتكاملة تقوم على الارتقاء بالمجتمع بكافة اطيافه.


لافتاً إلى أن هناك عوامل عدة تجعل مدننا صديقة للمجتمع لاسيما التخطيط بشكل أكثر فعالية فيما يخص عملية البناء والخدمات من شبكات النقل والمياه والكهرباء وبناء المساحات الخضراء التي تأتي ضمن التنمية البيئية لتكون المدن أكثر من مجرد مكان يقيم به الانسان... ولعل أحد عوامل نجاح مفهوم أنسنه المدن يتمثل في التوازن بين الحداثة والأصالة مع احتياجات الانسان ساكن المدينة. إضافة إلى أهمية الانفتاح على العالم ونقل الخبرات والتجارب الناجحة في أنسنه المدن مما يعزز عمل الإدارات المحلية في خلق أفضل حياة للإنسان وتحقيق مدن نموذجية صديقة للجميع.


واختتم كلمته قائلاً: ان مستقبل المدن يتمثل في صورة مدن شاملة متكاملة تحتضن الجميع، تساعد في الارتقاء في حياة الانسان وتمكنه من العيش باستقرار وراحة وبجودة عالية يطمح لها مما يدفعنا للاستمرار في إطلاق المبادرات واعداد البرامج والخطط التنموية التي من شأنها أن تعزز مسيرة عملنا التنموي على كافة الأصعدة وأن تحقق أهدافنا المشتركة ببناء مدن المستقبل "مدن شاملة ومستدامة وامنة ودامجة".


تضمن المؤتمر على ستة محاور :( استراتيجيات وسياسات  وتشريعات متقدمة في انسنة المدينة وتحقيق معايير الاستدامة في جميع  الجوانب الاجتماعية والبيئية والاقتصادية – استراتيجيات وسياسات وتشريعات متقدمة في تخطيط وتنفيذ وتطوير المدن- أفضل الممارسات العالمية المنفذة في أنسنه المدينة- الثورة الرابعة ودور تقنيات الذكاء الاصطناعي في خلق مدن قابلة للعيش ورفع مستوى السعادة المجتمعية- انسنة المدينة – استشراف مستقبل المدن القابلة للعيش والصديقة لمجتمعاتها- شراكات وبرامج دولية  ومحلية ناجحة في تحقيق سعادة المجتمعات).


تنوعت أوراق العمل التي قدمها الخبراء والأكاديميين والاختصاصيين بما تضمنت من موضوعات وقضايا هامة في مجال استدامة المدن من بينها مشاركة سلاقن باراكاتيل استشاري في جودة الحياة من ميرسير بعنوان جودة الحياة – كيف يمكن للمدن تطوير أهدافها ومؤشرات الأداء الرئيسية لتحقيق نوعية حياة أفضل للمقيمين في مجتمعاتهم. واستعرض وليد علي اخصائي إقليمي لتغير المناخ والنظم البيئية من المركز الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربي في عمّان-الأردن ورقة بعنوان منهجية البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وتعاونه بشأن مدن منخفضة الكربون وقادرة على التكيف مع المناخ والكوارث.  كما قدمت دينا ستوري مدير عمليات الاستدامة في دبي اكسبو ورقة بحثية بعنوان الاستدامة في اكسبو 2020 النهوض بالاستراتيجيات العالمية وتحقيق ارث مستدام. وجاءت مشاركة ليمين هيي مدير البحوث في مركز المدن الصالحة للعيش من وزارة التنمية الوطنية في سنغافورة بعنوان أفضل الممارسات في استراتيجيات العيش. كما قدمت سكينة النصراوي رئيس التنمية الحضرية المستدامة في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب اسيا "الاسكوا" ورقة عمل بعنوان الثورة الصناعية الرابعة من اجل المرونة الحضرية في المنطقة العربية في زمن الجائحة. بالإضافة إلى أوراق عمل وتقارير وعروض تطرقت لعدد من القضايا والممارسات التي تحقق مفهوم الاستدامة من ابرزها: إدارة النفايات الالكترونية افضل الممارسات الاتحاد الاوروبي والبحرين، نهج المدن الخضراء للبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، مرونة المدينة تخطيط التأهب واستمرارية  الاعمال ومخاطر الكوارث الطبيعية وإدارة المرونة البيئية للبلديات، خدمات كبار السن الاجتماعية وخدمات أصحاب الهمم الاجتماعية في دبي، تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتسريع انتقال الطاقة النظيفة وغيرها من  التقارير القيمة التي استعرضت كل ما يخص استدامة المدن.


وقد صدر عن المؤتمر التوصيات التالية:
التوصيات المتعلقة بتخطيط المدن:
-أهمية تطوير استراتيجيات تنموية بعيدة المدى للمدن استنادا لأحدث التوجهات وأفضل الرؤى والتجارب والممارسات العالمية مع الاخذ في الاعتبار للخصوصيات الوطنية والاجتماعية للمدينة
-الاعتناء بمفاهيم أنسنة المدينة وضرورة إشراك المجتمع المحلي بفئاته ومكوناته ومؤسساته في عملية التخطيط الحضري للمدينة من خلال نهج تشاركي علمي ومنهجي
-ضرورة مراعاة الاستدامة عند التخطيط الحضري والالتفات إلى كافة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية
-الأخذ في الاعتبار التوازن بين المنظور المادي والثقافي للمدينة والاهتمام بالبعد الحضاري والجمالي في البعدين المادي والتراثي للحفاظ على الهوية الوطنية والتاريخية للمدينة
-تصميم البيئات الطبيعية التصالحية من خلال تخطيط وتصميم المساحات الخضراء والزرقاء في المدن والتصميم للمدى المكاني والزماني والعاطفي

-أهمية إيجاد بنى تحتية قوية وقادرة على التعامل مع الأزمات والكوارث وتقلل من التحديات البيئية وخصوصا في مجالات الطاقة المتجددة والنقل الذكي وقضية المناخ والصحة والسلامة وغيرها
 
ثانيًا:- التوصيات على مستوى التعاون والشراكة والحوكمة ين المؤسسات المعنية بإدارة التخطيط الحضري:
-ضرورة الاهتمام والعناية ببناء أنظمة بيانات رقمية ذكية داعمة للقرارات الاستراتيجية والتشغيلية قائمة على التكامل والدقة مثل نظم المعلومات الجغرافية وغيرها من أنظمة داعمة لتخطيط المدن
-اتباع نهج متعدد التخصصات لفهم كيفية استخدام التخطيط القائم على الطبيعة والعلاج الطبيعي لتعزيز الرفاهية الشاملة والنظرة الإيجابية المحترمة للطبيعة
-احترام وتأييد ودعم كافة المبادرات والجهود والسلوكيات العلمية التي قد تقدم حلولاً للتحديات الاجتماعية والبيئية والصحية والاقتصادية المحلية والعالمية
-ضرورة مشاركة صانعي السياسات من البيئة والتعليم والصحة العامة والتخطيط الحضري والبلديات لتطوير سياسات تعزز التكامل مع الطبيعة في البيئة المبنية وتطوير برامج التعلم من خلال الطبيعة والتعامل معها كعلاج مستدام
-ضرورة إيجاد منهجيات تخطيطية متكاملة وشاملة ومستدامة للمدن تتعاطى مع جميع الموضوعات بصورة مترابطة واحدة كقضية ادارة النفايات والصرف الصحي والنقل الذكي وتلوث الهواء والتنوع البيولوجي وغيرها

ثالثًا: -في مجال بناء القدرات وتمكين الشباب العربي:
-أهمية الاعتناء ببناء قدرات شبابية واعدة تؤمن بإمكانياتها ومسئولياتها تجاه المساهمة في بناء مدن حديثة ومستدامة وقادرة على الصمود في أثناء الكوارث والأزمات
-توجيه وتحفيز الشباب الجامعي وتمكينهم علميا وعمليا التعامل الإيجابي والاحترافي مع تنمية المدن والمساعدة في تقديم الدراسات والإبداعات والابتكارات التي تواجه مستقبل التنمية في المدينة والتفاعل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوظيف التكنولوجيا الصديقة للبيئة والتعامل مع كافة والتقنيات الحديثة التي تمكنهم من الارتقاء بالمدينة العربية والعالمية


-أهمية تواصل عمداء المدن ومخططو السياسات والبلديات مع الجامعات العربية والمنظمات والجهات الاستشارية والتكنولوجية والإرشادية من قطاع الاعمال أو المنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني من أجل بناء الجسور التشاركية والتعاونية والبحث عن فرص مواجهة التحديات التنموية بفكر مشترك وإيجابي .


رابعًا: -بناء الوعي الإيجابي وصناعة المشاركة المجتمعية الفاعلة:
-ضرورة تطوير تشريعات ومنهجيات داعمة للتخلص الآمن من النفايات بكافة اشكالها ورفع مستوى وعي المجتمع المحلي بأهمية المشاركة الفاعلة والإيجابية وخصوصا في تدوير المخلفات الإلكترونية لمنع الأضرار البيئية واستثمارها كموارد محتملة.  
-تحفيز المجتمع المحلي على إيجاد بصمة كربونية خضراء من خلال رفع مستوى الوعي بأهمية المجتمع في تقليل التلوث واستخدام المواصلات العامة والتعامل مع المنتجات الخضراء والاهتمام بالصحة العامة مثل المشي وركوب الدراجات
-أهمية النظر إلى التحديات البيئية والكوارث على أنها فرص ينبغي معالجتها بشكل إبداعي داعم للابتكار ولسلوك تعاوني إيجابي بمشاركة الجامعات ومؤسسات المجتمع الوطني والمجتمع المحلي.

وأخيرا   أوصى المتحدثون والمشاركون بتعميم هذه التوصيات على عمداء المدن العربية وكافة المنظمات والهيئات الدولية والجمعيات والمؤسسات المحلية المعنية بالمدن والتنمية وإلى الجامعات والجهات المعنية باستشراف المستقبل وان تنشر هذه التوصيات في وسائل الإعلام وأن يتم تبادلها من أجل وضعها موضع التنفيذ والاستدلال والاستناد إليها لاحقا في سياقات العمل التنموي المتلق بالمدن الصديقة للمجتمع الذي تتبناه مختلف المرجعيات العاملة في التخطيط الحضري وتخطيط المدن وصناعة المستقبل.