المؤتمر العربي للمدن المستدامة- المدن والاقتصاد الأخضر

بتنظيم مشترك بين منظمة المدن العربية والرعاية الأولى للتطوير وتنظيم المؤتمرات وبلدية ظفار وهيئة البيئة العمانية عقد المؤتمر العربي للمدن المستدامة في دورته الثالثة تحت عنوان "المدن والاقتصاد الأخضر" في مدينة صلالة بسلطنة عُمان يومي 27-28 يوليو 2022 تحت رعاية محافظ ظفار صاحب السمو مروان بن تركي ال سعيد وبحضور عدد من أصحاب السعادة والمسؤولين في الجهات والهيئات الحكومية والخاصة ومدن وبلديات عربية وعدد من الخبراء والأكاديميين.
انعقد المؤتمر انطلاقا من أهمية تكامل الجهود من أجل بيئة عناصرها مستدامة مصانة وآمنة، نُظمها فعالة ومتزنة، ومواردها متجددة، لتحقيق التوازن بين المتطلبات البيئية والاقتصادية والاجتماعية والعمل بقواعد التنمية المستدامة.
ألقى رئيس هيئة البيئة العمانية الدكتور عبدالله بن علي العمري في افتتاح أعمال المؤتمر كلمة قال فيها إن أعمال المؤتمر في دورته الثالثة لهذا العام تناقش في محورها الرئيس "المدن والاقتصاد الأخضر"، حيث إن استدامة المدن لا تتحقق إلا باقتصاديات خضراء والاقتصاد الأخضر هو التنمية الاقتصادية المرتكزة على سلامة البيئة واستدامة مواردها الطبيعية، كما تتناول محور "تنمية المحافظات والمدن المستدامة"، من أجل المحافظة على البيئة وصون مواردها الطبيعية وتنمية المدن المستدامة وتشجيع الاقتصاد الأخضر والتدوير.
وأضاف أن الحفاظ على البيئة مسؤولية جماعية لا تحدها الحدود السياسية للدول وهو أمر واجب على كل فرد حيث حرصت سلطنة عُمان على تطوير العمل البيئي عبر مسيرة حافلة لحماية البيئة وصون مواردها الطبيعية على المستوى الوطني والإقليمي والدولي لتكون ضمن محاور وأولويات وأهداف رؤية عُمان 2040 الطموحة للوصول بسلطنة عُمان إلى مصاف الدول المتقدمة
لافتاً إلى أن رؤيـة عُـمان 2040 ارتكزت عـلى أربـعة مـحاور، بـينها مـحور خـاص بـالـبيئة والمـوارد الـطبيعية، ويـتضمن هـذا الـمحور أولـويـة "تـتمثل فـي اقـتصاد أخـضر ودائـري يسـتجيب للاحتياجات الـوطـنية وينسجـم مـع الـتوجـه الـعالـمي". وأشار د. عبد الله العمري إلى إنجاز هيئة البيئة لمسودة مشروع استراتيجية عُمان للبيئة وخارطة طريق الاقتصاد الأخضر بالتعاون مع خبراء من الأمم المتحدة والاستعداد لإطلاق مختبرات الاقتصاد الأخضر، بالإضافة إلى طرح عدد من الفرص الاستثمارية في المحميات الطبيعية ودعم مشروع استزراع الأشجار البرية ذات العوائد الاقتصادية والطبية.
وألقى معالي المهندس أحمد حمد الصبيح أمين عام منظمة المدن العربية البيان الافتتاحي لأعمال المؤتمر قائلاً: أن اجتماعنا اليوم يؤكد أهمية الاقتصاد الأخضر في ظل ما نعيشه امن تحديات كبيرة نتيجة لتزايد الضغوط على البيئة من التمدد العمراني والتغيرات المناخية والصناعات وزيادة السكان وغيرها من المسببات التي جعلت دول العالم ونحن من بينها في حاجة ماسة لتغير مسارنا والاتجاه نحو اقتصاد نظيف واستخدام للطاقة الجديدة  اذ ان الكثير من الإشكاليات الحالية للتنمية  تنحصر في الموارد البيئية التي يعتمد عليها العالم ... فالارتباط الوثيق بين البيئة والتنمية  أدى الى ظهور مفهوم الاقتصاد الأخضر او التنمية البيئية والتي تقوم على ركائز ثلاث الكفاءة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
ولفت الصبيح إلى أن الاهتمام والنظر نحو الاقتصاد الاخضر بدأ باعتباره نشاط اقتصادي صديق للبيئة واحدى سبل تحقيق التنمية المستدامة انطلاقا من قمة الارض في( ريو دي جانيرو عام1992 )، واستمرت الجهود العالمية في هذا التوجه حتى يومنا هذا وبات علينا جميعا العمل بجدية نحو التنمية المستدامة بشكل صحيح دون المساس بالبيئة.
وأضاف: أن الاعتماد على الطاقة الجديدة يعًد حاجة ماسة لمواجهة التحديات والمتغيرات المتسارعة باعتبار أن الاقتصاد الأخضر هو أحد النماذج الجديدة للتنمية الاقتصادية السريعة النمو دون الاخلال  بالنظام البيئي  خاصة مع زيادة عدد سكان العالم  حيث  أعلنت مؤخرا إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية انه من المتوقع ان يبلغ عدد سكان العالم  8 مليارات  نسمة مع نهاية العالم الحالي  ما يعد دافعاً أساسيا لاتخاذ الخطوات الجادة والفاعلة لاتباع أفضل السبل التي تساعد للوصول الى التنمية المستدامة باستخدام الطاقة النظيفة  الاقتصاد الأخضر بمفهومه الواسع.
ومن هذا المنطلق تحرص منظمة المدن العربية على دعم مسارات التنمية في مدننا العربية لتنفيذ الأهداف العالمية الإنمائية التي تحقق لنا مدن شاملة وأمنة ومستدامة ..وقد كانت مشاركتنا في المنتدى الحضري العالمي  في دورته الحادية عشر في الشهر الماضي في جلسة حوارية  مع المدن العربية عن المراجعات الطوعية  والتي لها دور في رصد ومتابعة ما تم من إنجازات تنموية.
وأشار إلى أن منظمة المدن العربية ومؤسساتها تعمل من أجل مستقبل المدن ومن صميم العملية التنموية تقوم بسلسلة من البرامج والمبادرات ذات الصلة بالأهداف الإنمائية بالإضافة إلى رعاية الخطط والاستراتيجيات من خلال مركز البيئة للمدن العربية إحدى مؤسسات منظمة المدن العربية المعنية في المجال البيئي .. كذلك مؤسسة جائزة المدن العربية التي من خلالها نقوم بدعم المنجزات البيئية بجوائز تحفيزية  ...ضمن الجوائز التي تمنحها مؤسستنا جائزة المدن العربية.
وقال: أن الانتقال الي التنمية الخضراء هو حدثا ليس سهلا و لا يمكن الانتقال اليه بسهولة… بل هي عملية تتطلب خطط واستراتيجيات تنتج تحسن في رفاهية الإنسان وتحقق المساواة والعدالة الاجتماعية والبيئة النظيفة والاستدامة لهذا فإن التعامل مع التحديات التنموية التي تواجهها المدن العربية بما فيها تطوير المدن يتعين أن يأخذ بالاعتبار الأهداف الإنمائية.
واختتم الصبيح كلمته قائلا: ان عقد المؤتمرات والفعاليات  ذات الصلة بقضايا التنمية والاستدامة  تسهم في تفعيل الخطط والبرامج التنموية وتعزيز اليات العمل على تنفيذها ولعل انعقاد مؤتمرنا في دورته الثالثة يأتي تماشيا مع التوجه العالمي نحو تحقيق مدن مستدامة باعتباره منصة لتبادل الرؤى والخبرات وأفضل الممارسات وطرح التجارب الناجحة التي تحقق أهدافنا وتطلعاتنا المشتركة في بناء مجتمعات ومدن مستدامة لاسيما بعد نجاحه في الدورة الأولى التي كانت بعنوان " تمكين شركاء الاستدامة في تطوير المدن-مدينتنا مسؤوليتنا" وتبعتها الدورة الثانية بعنوان "دور شركاء التنمية العمرانية في تحقيق التنمية الحضرية  المستدامة -إسكان مستدام" والثانية. ونحن على ثقة بأن تعاوننا وتكاتف جهودنا في اتخاذ الخطوات الفاعلة واليات العمل التي من شأنها أن تحقق للمدن مستقبل مستدام.
من جهته عبر نايف الشنفري رئيس مجلس إدارة الرعاية الأولى لتنظيم المؤتمرات والندوات عن سعادته باستضافة مدينة صلالة أعمال المؤتمر على مدى ثلاث دورات والتي اعتبرها منصة لتبادل الآراء وعرض التجارب الناجحة وأفضل الممارسات التي تمكن المدن العربية من تحقيق الأهداف التنموية. وأكد الشنفري على أهمية التعاون في رسم الخطط والاستراتيجيات التي من شأنها أن تعزز مساعي التنمية وتحقيق النمو الحضري في ظل المتغيرات التي يعيشها العالم.
تضمن المؤتمر عدة جلسات تطرقت إلى تعزيز كفاءة الطاقة في المدن المستدامة، والإدارة المتكاملة للمياه والغذاء والنفايات في المدن المستدامة، والتوجهات المجتمعية نحو المدن الذكية وتطبيقات الاقتصاد الأخضر.
وناقش المؤتمر خلال جلساته الممارسات الناجحة والخبرات الإقليمية والدولية في مجالات المدن المستدامة والاقتصاد الأخضر واستعراض بعض التوجهات المجتمعية. وقد شاركت مؤسستي منظمة المدن العربية المنتدى العربي للمدن الذكية والمعهد العربي لإنماء المدن بأوراق عمل في الجلسات العلمية.
وقد قام راعي المؤتمر محافظ ظفار صاحب السمو مروان بن تركي ال سعيد بتكريم الجهات المنظمة والداعمة والراعية والمتحدثين وضيوف المؤتمر.
وصدر عن المؤتمر عدد من التوصيات:
-تنفيذ مبادئ الحوكمة الرشيدة في ادارة المدن الذكية والمستدامة خاصة ما يتعلق بالشفافية المشتركة وادارة البيانات واستخدامها في دعم السياسات والمبادرات المحلية.
-التأكيد على أهمية تطوير وبناء وتحليل نتائج المؤشرات المرتبطة بالأداء البيئي والمدن الذكية المستدامة في صنع القرار وحوكمة وتقييم أثر السياسات والبرامج، واستشراف القضايا المستقبلية بفعالية وكفاءة.
-الاهتمام بتوفير البيانات وإجراء الاستبيانات والاستقصائيات اللازمة لقياس مؤشرات التنمية المستدامة ومدى التقدم المحرز في تحقيقها وقياس المؤشرات على المستوى الوطني لمساندة الجهود العالمية في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
-تشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمجتمع المحلي على تأسيس شركات ناشئة يقودها الابتكار ذات أثر اجتماعي واقتصادي في مجال تطوير المدن الذكية والمستدامة.
-تأسيس شراكات فاعلة وقوية بين الشركات الكبيرة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من أجل تمكينها في المساهمة في تطوير المدن المستدامة خاصة في مجال السياحة المستدامة وتنمية الاقتصاد الاخضر والطاقات المتجددة النظيفة.
-رسم السياسات والتشريعات المرنة التي تساهم في تشجيع استخدام الأجهزة والأدوات الذكية ذات كفاءة الطاقة العالية خاصة في المباني الحكومية واستخدام الطاقات المتجددة النظيفة.
-تشجيع البلدان العربية على اعداد كود البناء الأخضر والمستدام وتطويره بشكل مستمر ليتلاءم مع المستجدات العمرانية والبيئية.  
-تشجيع منظمات المجتمع المدني في جهود تعزيز المدن المستدامة والذكية والاقتصاد الاخضر من خلال البرامج التدريبية ورفع الوعي وتأسيس مبادرات مجتمعية.
-تشجيع الشراكات متعددة الجنسيات بالتعاون مع المنظمات الاقليمية والدولية والمؤسسات الحكومية وشركات القطاع الخاص لتطوير منظومات مشتركة للاستدامة الفعالة.
-تشجيع المشاريع الاستثمارية في مجالات المدن المستدامة والاقتصاد الأخضر في شركات القطاع الخاص ومؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومنظمات المجتمع المدني.
-تعزيز القدرات الوطنية بما يمكنها من وضع سياسات وبرامج لتحفيز وتنمية القطاعات الإنتاجية الخضراء.
-تبني مبادرات لإعادة التدوير والاقتصاد الدائري من خلال الادارة المتكاملة للنفايات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
-تشجيع تطبيقات الاقتصاد الدائري في تعزيز الأمن المائي والغذائي وانتاج الطاقة المتجددة.
-تعزيز مشاريع الهيدروجين الأخضر والطاقات المتجددة وكفاءة الاستهلاك في مختلف المجالات.
- تبني التسويق الاجتماعي والاقتصاد السلوكي وادارة التغيير كأدوات منهجية وفعالة لتغيير السلوك وتعزيز مفهوم المدن المستدامة والاقتصاد الاخضر في المجتمعات العربية.
-تشجيع فرص التوظيف وتنمية المهارات والمبادرات الابتكارية وتضمين تخصصات في الجامعات والكليات في مجالات المدن المستدامة والطاقات المتجددة والاقتصاد الأخضر.
-توظيف وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في مجال التوعية الاعلامية للمجتمع للحفاظ عن البيئة ونشر مفهوم الاقتصاد الاخضر والمدن المستدامة.