175

تراثنا الثقافي وموروثاتنا التاريخية الإفتتاحية لعل أكثر ما يشغل بالنا كمنظمة عربية إقليمية، وبال الهيئات الإقليمية والعالمية المهتمة بقضايا التراث ما تتعرض له مدن عربية هي في مقاييس التراث والثقافة عواصم كونية بما تضمه من مكنوزات ومعالم تاريخية لا يتوافر مثلها للكثير منمدن العالم. لقد أطلقنا، وأطلق العالم صيحات الفزع أمام تفاقم الاعتداءات الخطيرة التي يتعرض لها تراث المدن التاريخية العربية وأعمال التدمير الممنهجة التي طالت فضاءات واسعة من وطننا العربي ولم تعد تمثل تهديداً لمنطقتنا وحسب بل تعدى ذلك إلى تهديد التراث المشترك للإنسانية جمعاء. أمر مخيف أن نرى قلاعاً وأوابد، وأسواقاً قديمة وموروثات تاريخية وعمرانية .. وقد لحق بها الدمار والتخريب . مدن في سورية والعراق وليبيا واليمن والصومال، وفي أماكن ومناطق أخرى من وطننا العربي الكبير، فقدت بعض القيمة والبريق، بفعل الحروب والصراعات وأعمال الجنون.. بينما العالم يشهد تحولات في الحياة نحو الأفضل، بفعل التكنولوجيا والاستفادة من الفرصالاقتصادية والاجتماعية والأعمال الإنسانية. ونحن كمنظمات ومؤسسات تهتم بالمدن، ومكنوزاتها وذاكرتها وموروثاتها .. نبحث عن حلول واقعية تقوم المدن خلالها بدور رئيسي في التعامل مع الواقع ومواجهة التحديات ... ذلك أن عالم الغد هو عالم المدن .. ولا تنمية حقيقية، ولا تحضر بدون إشراك المدن في المجهودات الأممية التي تستهدف راحة وسعادة الإنسان. لقد أدركت منظمة المدن العربية مبكراً أن ثمة ضرورة أساسية للاهتمام والعناية بالمدن القديمة... أسواقاً وأزقة ومبان ودور عبادة... فأنشأت مؤسسة تعنى بالمدينة التاريخية العربية... وتعمل مع الشركاء الأخرين في دول العالم من أجل الحفاظ على الموروثات التاريخية والثقافية والعمرانية في المدينة القديمة. ولعل الجديد في جهد المنظمة كان مشاركتها في الملتقى الدولي حول مرصد التراث المعماري والعمراني كأداة لمراقبة عمليات هدم الذاكرة في المدن زمن النزاعات المسلحة بتنظيممن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم«الالكسو» مؤسسة التراثوالمدن التاريخية العربية التابعة للمنظمة – ومنظمة مدن التراث العالمي ومنظمة المدن العربية في تونسحيث هيأ هذا المؤتمر فضاء للتذكير بضرورة حشد المهارات الأكاديمية والمهنية في مجالات التوثيق والإعلاموالتعليموالتدريبوالمراقبةوالتقييملإعادة إعمار المدنوإنقاذمعالمها الأثريةوالتاريخيةومجموعاتها الثقافية ومشاهدها الثقافية العمرانية في فترة ما بعد النزاعات. لقدكانتمشاركةمنظمتنا فيهذا المؤتمر تتويجاً لجهد لمينقطعمن أجلمرحلةجديدةمن التعاون بين الأطراف المعنية بقضايا التراثوالموروثخاصة وأن الأضرار الكبيرة التي لحقتبتراثنا الثقافي والمعماريوالعمراني نالتمن مدننا العربية وزادت من أعباء بناء مدن آمنة وشاملة ودامجة ومستدامة تنفيذاً لأجندة التنمية المستدامة حتى . 2030 العام الأمين العام 175 العدد 3

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI2MTI5NQ==