احتفالية يوم المدينة العربية

15 مارس 2024

" التحول الرقمي للمدن الذكية "



تهدي الأمانة العامة لمنظمة المدن العربية أطيب تحياتها وتتقدم لأصحاب المعالي والسعادة أمناء العواصم ورؤساء البلديات ومجالس الحكم المحلي في مدننا العربية الأعضاء في منظمة المدن العربية بأصدق التهاني بمناسبة احتفالية يوم المدينة العربية في 15 مارس/ آذار 2024  ذكرى تأسيس منظمتنا العتيدة في عام 1967 في دولة الكويت ( دولة المقر) .


في احتفالية يوم المدينة العربية هذا العام الذي يحمل شعار (التحول الرقمي للمدن الذكية) والذي أجمع على اختياره السادة أعضاء المجلس التنفيذي لمنظمة المدن العربية في الدورة الواحد والستون والمنعقدة في مدينة بغداد ، نسلط الضوء على أهمية المدن الذكية ، إذ تعتبر المدن الذكية والحوكمة الحضرية عنصرين أساسيين في تطوير المدن وتحسين جودة حياة سكانها، حيث تقوم المدن الذكية على استخدام التكنولوجيا والبيانات بشكل متقدم لتحسين الخدمات والبنية التحتية وتعزيز التفاعل بين السكان والحكومة، وتلعب الحوكمة الحضرية دورًا حيويًا في هذا السياق، حيث تضمن أن تكون عمليــــات إدارة المدينــــــــة فعّالـــــــة وشفافــــــــــة وتقوم الحوكمة الجيدة بضمان توزيع الخدمات والفرص بشكل عادل، وتشجيع المشاركة المجتمعية في صنع القرارات، وتحقيق التنمية المستدامة، وتعتمد العلاقة بين المدن الذكية والحوكمة الحضرية على تبادل البيانات والمعلومات بين مختلف الأجهزة الحكومية والشركات والمواطنين. وهذا يسمح بتحليل أفضل لاحتياجات المدينة ومشاكلها والتفاعل السريع معها.


ويمكن أن تكون الحلول الرقمية الذكية قناة هامة للإدماج الحضري. فيمكنها مثلاً، من خلال تطبيقات الهاتف المحمول والخدمـــــــــات عبر الإنترنت أن تتيح لجميــــــــــــع المواطنين الوصـــــــــول إلى بيانات المدينة المسموح استخدامها والتي تم جمعها من مصادر مختلفة مع مراعاة خصوصية البيانات وحساسيتها، فهي بالتالي تيسر الحوكمة الرشيدة وتعزز مشاركة المواطنين وتزيد كفاءة الخدمات العامة، مما يحسن منعة المدينة واستدامتها.


و اليوم يعيش أكثر من نصف سكان العالم في المدن، وبحلول 2050 سيعيش حوالي سبعة من كل عشرة أشخاص في المدن. وتمثــــــل المـــــــــدن أكثر من 70 في المـــــــــائة من انبعاثـــــــــات الكربـــــــون في العالم، و60 إلى 80 في المائة من استهلاك الطاقة. وقد أدى التحضر السريع إلى تحديات إضافية مثل الفوارق الاجتماعية، وازدحام المرور، وتلوث المياه، ونقص الغذاء وارتفاع أسعار الطاقة ونقص سلاسل التوريد والتغير المناخي، وما يرتبط بها من قضايا صحية.


لذلك لا بد من التحرك سريعاً الى التحول الرقمي، والذي لم يعد خياراً بل أصبح حاجة ملحــة لا سيّما بعد جائحة كورونا والتي أثبتت أن التكنولوجيا واستخداماتها كانت السبيل الوحيد لاستمرارية الأعمال وضمان استمرارية القطاعات المختلفة وتوفير الخدمات للمواطنيــــــن اضافة الى مواكبة التطورات والتغيرات والإستفادة من التجارب تحديداً في قطاعي الصحة والتعليم، وتكاتف الجهود لتعزيز التنمية الرقمية، حيث برزت أهمية التحول الرقمي بشكل جلي عما سبق، وكأحد الاستجابات الممكنة لتحديات المرونة والإستدامة الأمر الذي يعزز من قناعتنا بأننا اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى الى التحول الرقمي بهدف تحسين جودة الحياة في العديد من المجالات، وبناء مدن صديقة للمجتمع مرنة ومستدامة وذكية.


وإيماناً من منظمة المدن العربية وممثليها بأهمية الإدارات المحلية ودورها في بناء المدن الذكية بعد أن أصبح عملها أكثر شمولية، وفي ظل  التحديات المتصاعدة والمتغيرات المتسارعة التي تشهدها المدن، وما يلزم ذلك من ضرورة العمل الجماعي وتعبئة كافة الطاقات والامكانيات لمواجهة تداعياتها وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة لتحقيق رؤيتنا بمدن المستقبل.


أولت منظمة المدن العربية اهتماماً بالغاً بالتحول الرقمي والمدن الذكية من خلال ذراعها التقني المنتدى العربي للمدن الذكية الذي يعمل على نشر التوعية وبناء القدرات في المجالات المختلفة للتحول الرقمي والمدن الذكية، والتي تستهدف تحديداً موظفي البلديات العربية الأعضاء في منظمة المدن العربية، كما يتم تقديم خدمات الاستشارات الفنية في مجال التحول الرقمي وتصميم المواقع الإلكترونية للبلديات العربية، ويتم الآن تطوير مؤشرات لتصنيف الدول العربية في مجال التحول الرقمي وتطوير المدن الذكية بالشراكة مع الخبراء من جميع أنحاء الوطن العربي.


ووفقاً للتقارير العالمية التي تصنف المدن في مجــــــــالات التحــــــــــــول الرقـــــــــمي والمــــــــدن الذكيــــــــــة فقد شهدت جميع المدن العربية تطوراً ملحوظاً في استخدام التكنولوجيا خلال السنوات الأخيرة كما شهدا تبنيّاً واسعاً لتقنيات الذكاء الاصطناعي وشبكات الاتصالات السريعة وأنظمة الطاقة المستدامة، إلا أنه اتضح اتساع الفجوة في استخدام التكنولوجيا بين الدول العربيــــة تعود لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية، إلا أن الخدمات الحكومية الرقمية ارتفعت وتحديداً في قطاعات المال والتعليم والصحة، وازداد الاعتماد عليها تماشياً مع التطور التكنولوجي العالمي المتسارع والذي نتج عن الواقع الذي فرضته جائحة كورونا، بزيادة استخدام التكنولوجيا وتطبيقاتها لاستمرارية الأعمال وتقديم الخدمات للمواطنين.


وفي الختام نؤكد ان التحول الرقمي للمدن الذكية يتطلب منا تظافر الجهود والعمل الجاد في اعطاء اولوية للمبادرات الخاصة بالتحول الرقمي وتبني نهجا قائماً على تطوير الادوات والبيانات وآليات العمل التي تدعم عمل الإدارات المحلية في توفير بيئة رقمية تسهم في توفير بيئة مستدامة تحقق لمدننا العربية أن تكون مدن أكثر ذكاء وشاملة ومستدامة  .

 




كل عام ومدننا العربية بألف خير
متمنين لمدننا العربية المزيد من الاستقرار والتقدم والازدهار .





                                                                منظمة المدن العربية
                                                               الأميـــــن العــــــام
                                                                م. عبدالرحمن هشام العصفور